توقفت المعارك في ابيدجان بعد ظهر اليوم حيث تراجعت حدة اطلاق النار بصورة كبيرة بعد معارك شرسة خاضتها قوات النخبة التابعة لرئيس ساحل العاج المنتهية ولايته لوران غباغبو امام مقاتلي خصمه الحسن وتارا حول مقر اقامته والقصر الرئاسي.
وقال الناطق باسم بعثة الامم المتحدة في ساحل العاج اليوم ان البعثة عرضت منذ أمس على المقربين من غباغبو استعدادها لتسهيل رحيله، في حال رغب في ذلك. ولكنها لم تحصل على رد منهم بعد.
من جهتها، دعت المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا غباغبو الى الرحيل “لوضع حد لمعاناة بلاده”.
وبعيدا عن الخضوع لضغط السلاح، غادر غباغبو على ما يبدو مقر اقامته لينتقل الى القصر الرئاسي في حي بلاتو في وسط ابيدجان، بينما اكد احد مساعديه انه “لن يتخلى” عن السلطة.
وافاد سكان ان حدة اطلاق النار تراجعت بصورة كبيرة بعد ظهر الجمعة في حي بلاتو الاداري وحي كوكودي الراقي القريب من مقر الرئيس.
وفي حي كوكودي في محيط المقر الرئاسي، توقف اطلاق النار في حوالي الساعة 15,00 (محليا وت غ) ولكن اطلاق النار استؤنف بالاسلحة الخفيفة بصورة متفرقة بعد ذلك بنصف ساعة.
ولكن المعارك توقفت، كما اكد بعض السكان. ولم يحصل بعد على تفسير لهذه التهدئة او معرفة اي من الخصمين يسيطر على الوضع.
وفي حي بلاتو، حيث القصر الرئاسي، كان دوي الاسلحة الثقيلة يسمع بصورة متفرقة، بعد ان ظل كثيفا حتى منتصف النهار.
وسيرت قوة الامم المتحدة في ساحل العاج دورية بعد الظهر في الحي.
وكانت ترددت طوال الليل في الحيين اصداء الرشقات الرشاشة والقصف بالاسلحة الثقيلة، وقد اهتزت جدران المباني من شدة بعض الانفجارات، فيما خلت الشوارع من المارة ولزم السكان منازلهم.
وقال احد السكان في وقت مبكر من الصباح “القصف لم يتوقف. ورجال غباغبو يقاومون في كل مواقعهم”، مضيفا “نسمع دوي قصف مدفعي عنيف وقاذفات صواريخ من نوع ار.بي.جي ورشاشات ثقيلة”.
وقررت حكومة رئيس ساحل العاج المعترف به دوليا الحسن وتارا اليوم اعادة فتح اجواء البلاد بصورة فورية للسماح باجلاء محتمل للرعايا الاجانب، كما اعلنت الناطقة آن اولوتو.
ولكنها اكدت ان “الحدود البرية والبحرية مغلقة حتى اشعار اخر”.
وفيما كانت المدينة تتعرض لاعمال العنف والنهب والسلب، نقل 150 من الرعايا الفرنسيين و350 اجنبيا من جنسيات اخرى منذ مساء أمس الى معسكر بور-بويه التابع لقوة ليكورن الفرنسية في ابيدجان، كما ذكرت رئاسة اركان الجيوش الفرنسية في باريس.
وقتل استاذ فرنسي بالرصاص في ياموسوكرو، العاصمة السياسية لساحل العاج، من دون معرفة ما اذا كان مقتله على علاقة بالمعارك الدائرة في البلاد او نتيجة جريمة سرقة، كما اعلن مسؤولان فرنسيان اليوم.
واعلنت وزارة الخارجية السويدية اليوم ان موظفة سويدية في الامم المتحدة قتلت في ابيدجان برصاصة طائشة على الارجح. واوضحت الوزارة ان السويدية وهي في الثلاثين من العمر، كانت في منزلها عندما قتلت.
وبدأت المعارك عنيفة جدا بين القوات الموالية للرئيس المنتهية ولايته والقوات الجمهورية الموالية للحسن وتارا الذي اعترفت به الاسرة الدولية رئيسا منتخبا، مساء أمس في ابيدجان، الهدف الاخير لقوات وتارا.
وشنت القوات الجمهورية الموالية لوتارا والتي كانت تسيطر على شمال البلاد منذ 2002، هجوما واسع النطاق الاثنين على الجنوب، لانهاء الازمة التي اندلعت بعد الانتخابات الرئاسية في 28 تشرين الثاني والتي اوقعت بحسب الامم المتحدة 500 قتيل معظمهم من المدنيين.
وسرعان ما امتدت المعارك، اذ لم تواجه مقاومة سوى في منطقة الغرب التي يتحدر منها غباغبو، وقد استولى انصار وتارا خصوصا على العاصمة السياسية ياموسوكرو (وسط)، وسان بيدرو (جنوب غرب) اكبر مرفأ لتصدير الكاكاو في العالم.
وفي اليوم الخامس من الهجوم، كان الجميع يتساءل عما سيفعله غباغبو وان كان لا يزال في مقر اقامته.
ولم يدل غباغبو الحاكم منذ 2000، باي تصريح علني منذ اسابيع ولم يلق بعد خطابه الى الامة الذي اعلن عنه مرارا.
واعلنت القوات الموالية لوتارا انها استولت في بداية المعارك على التلفزيون الرسمي ار تي اي رمز النظام، فحرمته بذلك من وسيلة اعلامية اساسية.
وقالت آن اولوتو الناطقة باسم وتارا “لا اعتقد ان لوارن غباغبو قادر على الصمود لفترة اطول مع كل الذين ينشقون عنه. لديه حس انتحاري ويسلك طريقا لا نهاية له. ان رحيله حتمي”.
وطلب الاتحاد الافريقي اليوم من غباغبو “التخلي فورا عن السلطة” لخصمه، فيما اكد توسان آلان ان غباغبو “لا ينوي التنحي او الاستسلام لاي متمرد” منددا بـ”انقلاب” ينفذه على حد قوله خصمه الحسن وتارا.
ورفض توسان الافصاح عن مكان وجود غباغبو، لكنه اكد انه على اتصال معه ومع المحيطين به.
وتطرح تساؤلات عدة عن مصير غباغبو من بينها هل يمتثل لدعوات الاسرة الدولية ومعسكر وتارا ويستقيل لتجنيب ابيدجان حمام دم؟ هل يلجأ الى سفارة اجنبية؟
وانشق رئيس اركان جيوشه الجنرال فيليب مانغو مساء الاربعاء ولجأ الى سفارة في جنوب افريقيا في ابيدجان.
وكان غيوم سورو رئيس وزراء وتارا، قال مساء أمس “يجب ان يستسلم لوران غباغبو لتجنب حصول حمام دم. نأمل ان يستسلم، وإلا فسنلاحقه في اي مكان. واذا ما استقال، فحسنا يفعل، وإلا فسيحال على القضاء الدولي”.
واكد عدد كبير من المنظمات الدولية انه قد يلاحق مع المقربين منه بتهمة ارتكاب “جرائم ضد الانسانية” و”جرائم حرب” بسبب التجاوزات التي ارتكبتها قواته بحق المدنيين.
من جهة اخرى، نصحت فرنسا رعاياها بتجنب السفر الى ساحل العاج وخصوصا الى ابيدجان.