رادار نيوز – بَرِحنا نسمع كلّ يوم عبر الوسائل الإعلامية إن مرئية كانت، أو مسموعة أو مكتوبة عن موضوع الأبراج وغيرها من الأشياء التي تأخذ الإنسان إلى أماكن مجهولة لا يعرف نتائجها إلا عندما يقع . أمّا اللافت فهو تهافت الناس للمشاركة بهذه البرامج وطرح الأسئلة عن مستقبلهم .
تتطرح هنا إشكالية كبرى وهي أنّ هؤلاء الناس فقدوا إيمانهم بالرب؟ وليس لديهم الثقة بأنّه وحده يعلم كلّ شيء.
هذا الموضوع هو خطّ أحمر ولا يجب على الإنسان المؤمن أنّ يعتقد بهذه الأشياء ولا التطرّق إلى دفع الآخرين للمشاركة بهذه البرامج التي تحمل الأكاذيب ، فإذا أخذنا مثلاً ليلة رأس السنة، نرى العديد من الأشخاص الذين ينتظرون هذه الليلة لمشاهدة ما تحمل لهم السنة المقبلة من أشياء جيدة وأخرى سيئة. بالإضافة إلى البرامج اليومية على الشاشات اللبنانية والصحف التي تخصّص زاوية خاصة للأبراج وما تحمل لكل شخص من مصير له على جميع الأصعدة في حياته.
أدعوكم للإتكّال على الرّب الذي يعلم كل شيء وأوجّه هذه الكلمة للرجوع إلى الإيمان الحقيقي الذي يتغذّى كلّ يوم بالصلاة، بكلمة الله والأعمال الصالحة، مع العلم أنّني أحترم هؤلاء الأشخاص ولكن هذا المقال موجّه للأعمال التي يقومون بها والأخطر هو إعتقاد بعض الأشخاص في هذه الأشياء وربط مصيرهم اليومي بالتوقعات والأبراج .
البعض يقول أن التوقعات والأبراج ينجحون أحياناً وينطبقون مباشرة على الذي يعيشونه ، فالواقع هو أن هذا النجاح هو صدفة بشكل عام ولكن مع الربّ لا يوجد صدفة، فعندما نطلب منه شيئاً يستجيب لنا لهذا الشيء عينه فلا يكون صدفة بل لخير الإنسان.
رأي الديانة المسيحيّة بالنسبة لهذا الموضوع الذي لا تعطيه أبداً الأهمية بل تعتبره عملاً غير لائقٍ بالمجتمع ففي التعليم المسيحي للكنيسة الكاثولكيّة في العدد 2115:” يستطيع الله أن يكشفَ المستقبل لأنبيائه أو لغيرهم من القديسين. إلاّ أنّ الموقف المسيحي الصحيح يقوم على تسليم الذات بثقةً بين يدي العناية الإلهيّة في ما يتعلّق بالمستقبل، وترك كلّ فضولٍ فاسدٍ من هذا القبيل. وعدم التبصّر قد يكوّن عدَماً للمسؤوليّة”. وفي العدد 2116 أيضاً أتى ما يلي:”يجب نبذُ جميع أشكال العِرافة: اللجوء الى الشيطان أو الأبالسة، استحضار الأموات أو الممارسات الأخرى المفترض خطأ أنّها “تكشف” عن المستقبل. استشارة مستطلعي الأبراج والمنجّمين وقارئي الكفّ، وشارحي الفأل أو الشؤم أو الحظّ، وظاهرات الرائين واللجوء الى الوسطاء، أمورٌ تخبّىء إرادة التسلّط على الوقت، وعلى التاريخ وأخيراً على البشر، وفي الوقت عينه الرغبة في استرضاء القوى الخفيّة. إنّها على تناقضٍ مع ما لله وحده علينا من واجب الإكرام والاحترام الممزوج بالخشية المُحِبّة”. وفي العدد 2117 يقول:” جميع ممارسات السّحر والعِرافة التي يزعمون بها ترويض القوى الخفيّة لجعلها في خدمة الانسان، والحصول على سلطةٍ فائقة الطبيعة على القريب – حتى وإن قُصد بها توفير الصحّة له – إنّما هي مخالفةٌ مخالفةً جسيمةً لفضيلة الدين. ويكون الحكم أقسى على هذه الممارسات عندما تصحبها نيّة إيذاء الآخرين، أو تلجأ الى مداخلاتٍ شيطانيّة. وحمل التعاويذ هو أيضاً مُلام. ومناجاة الأرواح تنطوي مراراً على ممارسات عِرافةٍ أو سحر. ولذا تنبّه الكنيسة المؤمنين الى تجنّبها. واللجوء الى أنواع الطبّ المدعوّة تقليديّة لا يسوّغ استدعاء القوى الشرّيرة ولا استثمار ما عند الآخرين من سرعة تصديق”.
إنّ ممارسة التنجيم والعِرافة هي نقضٌ للعهد أو الميثاق الّذي أقامه الله مع الإنسان. هي انتقاض من حرّيّة الإنسان المخلوق على صورة الله ومثاله، الوكيل الّذي سلّطه الربّ على كلّ المخلوقات. كما حياتنا، فعلى ماذا يُحاسبنا الله؟ أيُحاسب أناسًا مُجبرين غير مخيّرين؟ ومَن نعبد؟ الله أم الأفلاك؟
الربّ يسوع المسيح هو سيّد الماضي والحاضر والمستقبل. فيه تمّت النبوءات وخُتمت جميعها. وحده هو النجم الحقيقيّ الّذي سجد له المجوس المنجّمون الذين بطلت أعمالهم. وبقيامته، عرفنا أن الموت ليس إلا عبورًا إلى الحياة الأبديّة. فلا خوف مع المسيح ولا هلع من الغد الآتي، بل نحن نردّ مع بولس الرسول: ” الحياة عندي هي المسيح والموت ربح … فلي رغبةٌ في الرحيل لأكون مع المسيح وهذا هو الأفضل جدًّا جدًّا ” فل 1 / 21 ، 23″.
يا أيها اللبنانيون ويا أيها المسيحيون بشكل خاص لا يجب عليكم أن تعيشوا في الأوهام بل تذكّروا أقوال الكتاب المقدس، ففي العهد القديم وتحديداً في المزمور 139 يقول ” يا رب قد فحصتني فعلمتني “، وأيضاً في نبؤة دانيال الفصل 2 27/28 يقول” أنّ السّر الذي يسأل عنه الملك لا يستطيع الحكماء ولا العرّافون ولا السّحرة ولا المنجّمون أن يُبيّنوه للملك. لكن في السّماء إلهاً يكشف الأسرار، وقد أخبر الملك نبوكدنصّر بما سيكون في آخر الأيّام.” نعم الرّب يعلم كلّ شيء ، فمعرفة الإنسان محدودة جدّاً ولا يقدر ان يتوقع ماذا سيحصل لأخيه الإنسان فمقدرته المحدودة لا تخوّله للغوص بأمور مستقبلية وتحديد مصير الآخر.
العمل على إنشاء جمعيات وإقامة محاضرات أمر مهمّ يكون هدفها توعية الناس على خطورة هذه الأعمال والإتجاه نحو أشياء ملموسة لكي يقتنع الناس بالتخلّي عن هذه الأمور، لأنّه بصراحة تامّة أنّ البرامج تنجح من خلال مشاركة الناس بها . فالناس هم عنصر القوة لهذه البرامج.
ولا يجب أن ننسى الأعمال الصغيرة اليوميّة التي تحصل مع الناس مثل التبصير بالفنجان وغيرها، لذلك يجب أنّ نصلّي اليوم على نيّة رجوع الإنسان إلى الإيمان بالرّب وأنّه وحده العالم بكل شيء.
بقلم الأخ توفيق الدكّاش