رادار نيوز – نعم، نحن بألف خير، والخير يغمرنا، نعيش الأمن والأمان، ننام بهناء وسكينة واطمئنان، لا يهمنا القيل والقال، ولا يشغل لنا بال، نجمع المال وحالنا بأحسنِ حال.
أتعرفون من نحن؟
نحن وبالتفصيل قدرنا عظيم جليل، وليس لنا بديل!
نحن من تربّعنا على عروشنا، بعد أن حُمِلنا على أكتاف وظهور ناخبينا، وهم راضون، نائمون، غاشون، ببعض نعمتنا يتنعمون، وبظلّنا يعيشون، وبما نجود عليهم يرتضون.
نُحْيِي الأفراح والليالي المِلاح، بالرغم من ما يدور حولنا من نقدٍ وإضراب واعتكاف أو صِياح، أو فقرٍ أو ظلمٍ أو جِماح!
نحن من نملك السلطة، نوزع المراكز والمناصب، نُفتّش عن مطامع أو منافع أو مكاسب، نضع من هو مناسب في مكانٍ غير مناسب، لا يهمنا من يراقب، ولا نسأل عن محاسب.
نحن أرباب الفساد، لا نحلف إلا برب العباد؛ نركب الجياد، نضرب بالسياط، نجوب البلاد، نرفع أيادينا والشعب راعينا، ولا فرق عندنا بين من يوالينا، أو من يعادينا.
لا نخاف القانون، فهو لنا حصن حصين، نُقرِّصُه كالعجين، نخلط أوراقه كالدقيق اللجين، فكثير من المرّات نرفضه، وأحياناً يكون لنا أفضل معين.
معظمنا تاجر فاسق، أو ناهب ماهر، أو مدير فاسد، أو في أسوء الأحوال وأفضلها، لاعبٌ بارع! نعامل ونتعامل مع من نعلوه قدراً وقيمةُ، كبيدقٍ في رقعة شطرنجية، فبالرغم من قصر قامته قياساً على باقي الأحجار، لا يتحرك إلاَّ إلى الأمام، ببطء ما بين الخطوط والمربعات، يقنصُ ضحاياه ويسلب حياة من يمر بجواره، أو أن ذلك البيدق يبقى مقيّداً أو محاصراً طيلة الصراع، وفقاً لأهوائنا وأهدافنا، كما خططنا يُنفّذ، وكما نميلُ يميل؛ نحن المفكرون المتعالون، الذين إذا ما ضحينا به في ساحة المعركة، ينتظر مع رفاقه وأمثاله جانباً، ليرى نتيجة الحرب وسيطرة الملوك ومن تبقى معها من حاشية وقلاع في مواجهةٍ، يعتقدونها تاريخية حاسمة، ليتفاجأوا بعد ويلات وويلات، بنهاية سعيدة وبعناق الاحبة، وشرب نخب النصر المبين…
نحن بألف خير، نحمد ربنا، ولا نحمد سواه، خُلقنا في أرضٍ، شعبنا مطواع، يُحب الخداع، يعشق جلاده بكل خضوعٍ وانصياع؛ إذا ما اختلفنا، نتقاتل بهم، وإذا صلحت أمورنا، نتصالح عليهم.
كُتبت هذه الكلمات من واقع شعب يصف حكامه ومسؤوليه، أو بالأحرى (حكامٌ تصف شعوبها) في دولة (شرق غربستان الجنوبية) المظفرة، الذي يئنُّ ويتأوه ألماً من جراحه العميقة، يعيش كالغلمان ويرزح تحت نير الظلم والطغيان!!!