رادار نيوز – الى ألاخوه وألاصدقاء والزملاء التربويين في لبنان تحية طيبة وبعد، مع محبتي وتقديري وشكري المقرون برفع القُبَّعة والإنحناء أمام ما تقومون به من جهود علميّة ومعرفيّة مضاعفة، وما تحملونه من نظريات وطرائق وتطبيقات متطورة ومتقدمة بامتياز في عالم المعلوماتية وما يعرف بال5Cs، ومهارات القرن الحادي والعشرين، من أجل عصرنة المناهج التربويّة والتعليميّة/التعلّميّة، كما الجهود المبذولة بقوة واندفاع من قبل وزارة التربية والتعليم العالي والمركز التربوي للبحوث والإنماء، والمؤسسات التربوية المعنيّة في المستويين الوطني والدولي، تبقى جميعها وعلى أهميتها، محدودة الجدوى في ظلٍِ فلسفة تربوية متخلِّفة قائمة على فلسفة للدولة اللبنانية، قطفنا ثمارها منذ بروتوكول المتصرفية مرورًا بزمن الانتداب الفرنسي، وحتى يومنا هذا، حروبًا وثورات وحوادث دامية، ولا زلنا نعزِّز ونغذِّي هذا النظام كمثل المجرم الدموي الذي يتلذَّذ بدماء ضحاياه.
لذلك، أشدُّ على أياديكم راجيًا الاستمرار في حمل أفضل المقاربات والإستراتيجيات العلميّة/التعلّميّة الأكثر تقدمًا، ولكنني قلت وأقول، وكتبت وسأبقى، وأنادي بصوت عالٍ، نحن بحاجة إلى ثورة تربوية تنقذ هذا الوطن الغالي من بؤر الفساد والتخلف التي لا زالت تمعن في نحر آخر مقومات الحياة فيه.
ثورة تغيّر كل القواعد والأسس التي بنيَ عليها هذا اللبنان الذي لطّخنا صورته الجميلة بصراعاتنا الطائفية/المذهبية التي أبعدتنا عن الله سبحانه وتعالى، وأصبحنا وحوشًا نفترس بعضنا البعض بكل دمٍ بارد.
ثورة تنادي بصوت واحد، نريد أنسنة النظام، نظامٌ همّه الوحيد بناء الإنسان المواطن اللبناني الواحد من دون تمييز ولا إمتيازات، وليس كما هو حاصلٌ مع نظامنا القائم، والذي ينتج على أقل تقدير، من ١٨ إلى ٢٠ نوع من المواطنين المتعددي الأهداف والغايات لأسباب عديدة يعرفها الجميع ولا يقاربون الحلول لها، أو يخافون مقاربتها، ومع إحترامي وتقديري لكل التربويين والمؤسسات التربوية في لبنان الرسمية منها والخاصّة، والمؤسسات الدولية، والجهود الإصلاحية الجبَّارة التي قاموا ويقومون بها، عبثًا يبني البناؤون على الأسس ذاتها التي برأي المتواضع، كانت من الأسباب الرئيسية لإنهيار لبنان.
إلى كلِّ مسؤول يريد بالفعل أن يحمل لبنان إلى مستوى الدول الراقية، إلى كلِّ صاحب ضمير حيّ من الزعماء الذين يتولَّون السلطة في هذا البلد المشْرِفْ على الإنهيار. ما بالكم تختلفون على الوزارات السيادية، وتنسون سيدة الوزارات وأهمها على الإطلاق، وزارة التربية والتعليم العالي. الإصلاح والتغيير يبدأ من التربية، ولكم من الشواهد في الدول التي تمكنت بالتربية أن تجعل بلادها في مصاف الدول المتقدمة والمتطورة بامتياز (اليابان، سنغافورة، فنلندا، راوندا) وغيرها من الدول التي قرَّرَ زعماؤها أن يضعوا حدًا للفساد والفلتان وتدنَّ الأخلاق، وينهضوا بها إلى حيث أراد الله سبحانه وتعالى أن تكون.
رجاؤنا أنْ يتسلم وزارة التربية والتعليم العالي رجلٌ لا يخاف إلاَّ الله، ويعمل فقط بوحيٍ من ضميره، والمعطيات والمعلومات والمؤشرات متوفرة وواضحة، المطلوب؛ الجرأة في إتخاذ القرار.
من هنا تبدأ الخيارات التي يجب أن تؤدي فعلاً لا قولاً، إلى بناء دولة لبنان الرسالة. وللحديث صلة.
مع محبتي وتقديري، د.نبيل قسطنطين.