رادار نيوز – أستذكر عندما كان لبنان في آتون اللهب والحرب تعصف به وكان هناك نوع من الهدنة والاستقرار النسبي، حيث إستلم حينها الرئيس أمين الجميل رئاسة الجمهورية وانتقل الى بعبدا.
في تلك الفترة كنت في ذروة الحماس حيث نادتني الحمية الوطنية لخوض غمار العسكرة، وكان هناك نوع من (البروباغندا) التعبوية للانضمام الى سياج الوطن وحامي الجمهورية، وقد توج هذا بالنداء الى التطوع في الجيش اللبناني، لصالح المدرسة الحربية بصفة تلميذ ضابط.
لبيت النداء واستجمعت اوراقي الثبوتيه والصورة الشخصية الملزمة وذهبنا للتجمع عند احد النقاط، بحيث استقبلنا احد الضباط واقلونا بشاحنة عسكرية يرافقنا جنود ذو ثياب مرقطة ونجوم مسيفه…
عند وصولنا اذكر كيف عوملنا وكأننا من عداد فوج المجوقل او ما شاكل.
انتظمنا في الصف وكنا على وشك اداء التحية العسكرية لولا جهل الكثيرين لهذه التراتبية والمناقبية التي نخوض غمارها ونحن دخيلون عليها ونجهلها، حتى احدهم قد اسر لي انه قد ندم لقدومه على تخوم هذه الجبهة…..
ادينا قسطنا الى العلى واتممنا الامتحان الصحي ونحن نمني النفس ان يرزقنا الامتحان الخطي حتى نجتاز المرحلة بسلام..
لكن ليس كما تشتهي السفن تجري الرياح! وبعد مد وجزر الغيت تلك الدورة كما العادة لتضارب الحصص ومصالح الزعماء….
لكن تلك التجربة لا زالت مؤثرة كونها قد رسخت في مخيلتنا….
والحال كما هي الآن ولم تتغير….
فالقرار السياسي كان ولا يزال يلجم الكثير من اندفاعة وتفاني هذه المؤسسة في الذود عن الوطن وحماية اراضيه.
فما شاهدناه من خلال الاحداث الاخيرة وكيف ان القرار عندما يكون على مستوى الوطن وعلى رأسه عماديه العونين… (رئيس الجمهورية وقائد الجيش) يؤتي ثماره وصوابيته ويحقق الهدف المنشود…
خلال احداث عرسال في أب ٢٠١٤ لو كان السياسيين بمعزل عن اتخاذ القرار لرأينا المشهدية مختلفة كليا ، وكان الثمن اقل كلفة!!
فهؤلاء العسكريين كانوا الان بين حنايا اسرهم واهاليهم لو اتخذ القرار من ارض المعركة ومن ضباط يشهد لهم التفاني والمناقبية والشجاعة والاقدام…
وهذا ما اشار اليه الجنرال شامل روكوز فائد فوج المجوقل حينها على احد المحطات الفضائية..
ان تحرير الجرود ولو جاء متأخرا، لا شك انه وضع لبنان في شبكة أمان واستقرار وحيده عن رمال متحركة في محيطه وعواصف لا شك انها كادت ان تعصف به…
وهنا لا بد ان نذكر هذه المعادلة التي رسخت في تحرير الجرود والتي ظهرت بأبهى حللها من خلال تضافر الوطنية واللحمة بين ابنائه واطيافة وانتجت نصرا مبينا…
وامتزاج دماء المقاومين مع ابناء جلدتهم في الجيش اللبناني…
ان هذه المؤسسة النزيهة يجب ان لا يشوبها اي شائبة، وان تبعد عن التجاذبات السياسية وتنقى من اي شوائب، حتى تستطيع ان تقوم في المستقبل بدورها الاساس في الدفاع عن الوطن وحماية المواطن….
وعلى الطبقة السياسية ان تنأيها عن المهاترات وترك القرار لها في تقييم وتقدير الخطوات التي تراها مناسبة لخوض اي معركة تعتبر مصيرية وحتمية لردع كل من يتجرأ على سيادة واستقرار هذا البلد….