رادار نيوز – تحرير الموصل وانكفاء الخلافة المزعومة عن عاصمتها كان بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر هذا الوحش الذي كبر واستشرس وعاث بالارض قتل واجرام. عند بدايات معركة الموصل كان الكثير من قادة داعش قد ايقنوا انهم لا مناص لهم من الانسحاب والمغادرة على وجه السرعة كي لا يحاصروا ومن ثم يلقى القبض عليهم وتتكشف وجوهم وهويتهم الحقيقية. وحسب مصادر فقد وقع خلاف فيما بينهم، فهناك من جاء بهم من اصقاع الارض وادخلوا عن طريق الدول المجاورة للعراق وهم ما أطلق عليهم (المهاجرين والانصار)، وهؤلاء كان خيارهم المغادرة وعدم جدوى البقاء لان لهم اجندات اخرى وفي اماكن تحددها لهم مصالح من اتى بهم…
اما هؤلاء الذين بقوا في الموصل فهم ليسوا سوى انفسهم الذين كان صدام حسين يعول عليهم في الكثير من ملاحمه ومعاركه! فالحرس الجمهوري العراقي كان يزخر بالكثير من الضباط وذوي المراكز المهمة في الجيش العراقي المنحل، حيث كانوا من عماد تركيبته ومنظومته، التي حكم بها العراق بالحديد والنار ومن خلالها طوع الكثيرين…
إرتأى هؤلاء القتال حتى الرمق الاخير! لان التركيبة العشائرية لتلك المنطقة والعامل الديني كذلك حتم عليهم التماهي مع الحالة (الداعشية)، التي هي هجينة على تلك المجتمعات التي تعتبر علمانية في الدرجة الاولى ولا يوجد لها ارضية للافكار المتطرفة التي توصم بها الكثير من الحركات الراديكالية التي تقاتل… واكبر دليل هو التحول الذي طرأ على احد اكبر رموز حكم صدام حسين وهو عزة الدوري الذي يعد من اكبر مساعديه! حيث تحول الى اتباع ما يطلق عليه بالصوفية (النقشبندية) وهي حركة اصولية متشددة اصبح لها الكثير من المريدين والاتباع بعد سقوط بغداد وقدوم حكم جديد…
ان كل من يتابع مجريات الاحداث في العراق وسوريا يعي ويدرك ان الترابط حاصل بل متساوي. فداعش تنتشر على حدود البلدين وليس هناك اي حدود تحد من حركتها ومسرح عملياتها ممتد على بقعة جغرافية كبيرة تتيح لها حرية الحركة وعامل المباغتة وحتى قضم الكثير من الاراضي… لا شك ان التحول الذي طرأ هو انجاز كبير لصالح القوى المناوءة لهذا الفكر، لكن ما هو مرسوم اكبر واخطر من القول بأن الامور والاحداث قد توقفت عند هذا! هناك من يعتقد بأن هذه الحرب المندلعة في العراق وسوريا وحتى تشظيها الى لبنان هي مرسومة ومحضر لها جيدا لتعمر وتكون لعشرات من السنين! حتى تحصيل ما هو مبتغى منها….
ومن يظن ان داعش قد انتهت فلا شك انه مخطىء. معركة الجرود في عرسال…. لا بد ان هذه المعركة قائمة وهي على نار حامية، فكما قلت فان المعركة واحدة لا تفصلها الجغرافيا ولا المساحات الشاسعة. ان التركيبة اللبنانية محكومة كانت بوضع عرسال وجرودها على الرف وعدم تحريك الوضع الذي كان قائم منذ وصول القوى التي تساند المحور الموالي الى تخوم بلدة عرسال ومحيطها.. وكان القرار بالتوقف عند حدودها وعدم المجازفة حينها بخضات في الداخل اللبناني لما تمثل عرسال بتركيبتها ومكوناتها واتباعها الى جهة تعارض وتناوء التدخل في الشؤون السورية…
لكن اليوم هناك ضرورة كبيرة لتغيير هذا الواقع كونه اصبح ملحا وضاغطا حتى يتساوى مع ما انجز في الجبهات الاخرى ومما يشكله من خطورة على الداخل اللبناني، وخصوصا الخوف من تحريك هؤلاء في وجه الجيش اللبناني كما سبق… هناك تسريبات على ان ما يعد هو اخطر…. فالمخطط بتجاوز الخطوط ودخول مجموعات منفردة الى البلدات والمناطق المجاورة لتلك التلال في السلسلة الشرقية واخذها السكان رهائن والعبث في النسيج الاجتماعي القائم منذ مئات السنين. وما مجزرة القاع الا دليل على هذه النية المبيته.
فالتركيبة السكانية ووجود بلدات تقع على سفوح تلك المنطقة كونها تتبع غالبيتها الديانة المسيحية يشكل الهاجس الفعلي، وفتح جبهات جديدة حتى يخف الضغط عن ما سيواجهونه، ان كان في الجنوب ام في دير الزور حيث المعركة قاب قوسين! للتخلص من وجود داعش في تلك المنطقة التي تعد الاهم من حيث الجغرافيا والتركيبة السكانية…. معركة السلسلة الشرقية ستكون بمثابة السياج الاخير في تحصين لبنان والمدماك الاخير في سد تلك الفجوة التي تأرق الكثيرين… وعلى الجميع ان يعي بأن الارهاب لا يفرق بين طائفة او عرق او لون فالكل في المرمى…