رادار نيوز – منذ القدم والانسان يبحث عن اسباب ارتكاب الجرائم ودوافعها دون ان يتوصل لتفسير عضوي للقيام بهذه الاعمال المشينة، بعضهم نسبها للعوامل الاجتماعية والمادية، التي تؤدي الى العدوانية، وآخرين نسبوها للعوامل النفسية والعقلية والبيئة المعقدة، التي يعيش فيها الفرد.
الفلاسفة القدماء عالجوا المسألة بالعقاب للمجرم، لينتزعوا منه ثمرة عدوانيته واعادته الى الخط السليم، فنسبوا هذه المسألة للدولة، التي هي المسؤولة عن سلوك المواطنين وسعادتهم، ومن واجبها قيادتهم بصورة صحيحة ونشر العدل فيما بينهم، ليكون عقاب المجرم رادعا ووسيلة للتهذيب، لكننا نجد العقاب احيانا قاسيا ومن دون مبرر وخاصة عندما يتعرض المجرم للتعذيب واﻵلام الجسدي والنفسي.
طالب “فيليبو غراماتيكا” بالغاء السجون والعمل على اصلاح المجتمع والفرد بدلا من قمع المجرم ورميه خلف جدران السجن والانتقام منه، وبرايه من المستحسن ان يكون العلاج بالارشاد والنصيحة اما اذا تكرر الامر يكون نصيبه العقوبة القاسية والسجن.
اما ارسطو فإعتبر أن وجود الانسان على الارض نعمة من الخالق بزرع العدل الالهي فيما بين البشر، فاذا اضطرب العدل والتوازن فيما بين الناس وجب اعادته بواسطة العقوبة. واذا عدنا للكتب السماوية نجد بأن الكد والتعب والالم في الحياة هي كفارة عن سيئات الفرد ليتوب ويعمل الافعال الصالحة، فيكون بذلك قد تطهر جراء العذاب والقهر من ذنوبه، لان الحرمان هو وسيلة فعالة ومجدية للتكفير عن الذنوب.
ولاحظنا في الآونة الاخيرة انتشار ظاهرة اجتماعية خطيرة تتمثل بانحراف فئة كبيرة من الأطفال والمراهقين، وأدت الى سقوطهم في مهاوبي الجريمة نتيجة التخلف والظروف القاسية والقاهرة، لذلك عمدت معظم الدول وضع قوانين وانظمة خاصة بجرائم صغار السن حيث ينظر اليهم على انهم ضحية المجتمعات ومن واجب الدولة حمايتهم من خلال الاصلاحيات واعادة التأهيل،
فبالرغم من التقدم الذي احرزته البشرية في جميع الميادين، الا ان معدلات الاجرام تزايدت نتيجة التطور التكنولوجي حيث يتم استغلال الاطفال بادخالهم في عالم الاجرام من قبل عصابات دولية منظمة وخطيرة وتوريطهم في قضايا القتل والارهاب، وترويج المخدرات لتصبح الجرائم الذي يرتكبها الاطفال اشنع واخطر مما يرتكبوها البالغين.
ان الاصلاح الاجتماعي هو الوسيلة الفعالة لبناء مجتمع صالح يبدء بتأهيل الجاني واصلاحه وذلك بتحويل المذنب إلى فرد فعّال في المجتمع هدفه السامي تفادي المزيد من ارتكاب الجرائم، واقناعه بمدى الخطأ الجسيم الذي ارتكبه بالطرق الايجابية عن طريق مرشدين ومختصين او اطباء نفسيين لمعالجة المشكلة واعادة دمج المجرمين بعد تأهيلهم بدلا من قصرهم وحرمانهم من حق العيش الكريم مدى الحياة