رادار – العولمة من اهم القضايا التي يعيشها العصر واكثرها صعوبة وتعقيداً لما لديها من انعكاسات فكرية ومعنوية، اما نتاجاتها المادية اقتحمت كل مجالات الحياة لتجعلنا نتساءل هل هي ثورة على التكنولوجيا الاجتماعية ،ام ظاهرة اقتصادية ،ام هيمنة دول كبرى على تفكيرنا وتجريدنا من ثقافتنا وحضارتنا او حتى تجريدنا من لغتنا الام، لتترك نتائج سلبية تبعدنا بعدها عن مبادئنا ومعتقداتنا.
يذهب بعض المفكرين والباحثين الى ابعد من ذلك ،ويحددون العولمة بانها تقلص امتداد الكون في هوية واحدة متجانسة ثقافيًا واقتصادياً واجتماعياً ،وتعمل على بناء ثقافة واحدة تسعى لتذويب الحدود والحواجز الثقافية والفكرية والاقتصادية فيما بين الامم .عداك عن فرض السيطرة السياسية على الانظمة الحاكمة والشعوب التابعة لها والتحكم بمراكز القرار وصناعته في دول العالم الثالث لخدمة الدول الكبرى على حساب مصالح الشعوب وثرواتها الوطنية والقومية.
لنجد بأن العولمة لها نظام خاص بها، تطيح بكل الحواجز التي تقف حائلا دون الثقافة الرأسمالية المادية عداك عن الغزو الفكري الذي يستهدف تفتيت وحدة الامة واثارة النعرات الطائفية وزرع الحقد واثارة الحروب والفتن داخل الدولة الواحدة مما يزيد من انتشار ثقافة العنف التي تؤثر سلبًا على تنشئة الاجيال وتجعلها تؤمن بالعنف كاسلوب للحياة وتطبق في مجتمعاتنا العربية مما يسبب من هدر للوقت ويعود بالضرر البالغ في اخلاقهم وسلوكهم وتقدمهم في مسيرة الحياة.
وسائل العولمة في مجال الاعلام والاتصال تلعب دوراً بارزاً بشخصية الافراد وخاصة في مجال التكنولوجيا والمعلوماتية حيت تخترق البنية الثقافية بيوتنا لتسلبنا الخصوصية وتؤثر على حياتنا الاجتماعية ومعتقداتنا الدبنية، وتزرع احيانا الخوف والذعر نتيجة الاعمال الارهابية المصورة والمذابح التي تقام في حق الانسانية التي تولدها الحروب الدامية وفي ظل النظام الجديد الذي نشهده ونلمس نتيجته من خلال تفكك الدول وتقسيمها لدويلات ضعيفة لا تستقر النزاعات على ارضها.
لقد عرف رونالد روبرتسون العولمة بانها اتجاه تاريخي نحو انكماش العالم وزيادة وعي الأفراد والمجتمعات بهذا الانكماش في حين عرفها أنتوني غيدنز بأنها “مرحلة جديدة من مراحل بروز وتطور الحداثة، تتكثف فيها العلاقات الاجتماعية على الصعيد العالمي، حيث يحدث تلاحم غير قابل للفصل بين الداخل والخارج، ويتم فيها ربط المحلي والعالمي بروابط اقتصادية وثقافية وإنسانية « ويبقى على الدول العربية ان تستفيد من هذه المرحلة وتكون على قدر من التحدي واثبات الوجود من خلال هويتها الثقافية وتواصلها مع العالم من خلال التوافق بين الاصالة والمعاصرة وكيفية مواجهة ومسايرة الانماط الثقافية لدى الدول المتقدمة، كاوروبا واميركا وذلك عن طريق القيام بالإصلاحات الضرورية في المجالات ذات الصلة الوثيقة بحياة المواطنين، بحيث ينتقل العالم الإسلامي والعربي من مرحلة الضعف والتخلف، إلى مرحلة القوة والتقدم.