رادار نيوز – منذ اكثر من خمسين سنة، عندما كنت صغيراً، وفي ظل الصراع العربي الإسرائيلي وحرب ١٩٦٧،سمعت ان المجتمع الدولي، قد طلب من الفلسطينيين تحديداً والعرب بشكل عام التفاوض مع الكيان الإسرائيلي المحتل لاعطائهم الحكم الذاتي على الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث الرد العربي والفلسطيني كان يومها: لا صلح، لا تفاوض، لا اعتراف، نريد كل فلسطين كاملة.
تساءلت، بقدر فهمي للأمور، مع ما كان من رفاقي من حولي ، لماذا لا يقبل الفلسطينيون بالضفة والقطاع، وبعدها يعملون على تحرير ما تبقى لهم من فلسطين؟ وكان يومها، وجود من يكبرني، قائلاً : تلك مؤامرة يجب ان لا يقبلوا. ومن يومها، ما يتردد في ذهني، فعلاً “كلها مؤامرات ومخططات ونحن الأدوات”.
أين نحن الآن من ذلك؟ وما مر في تاريخ اوطاننا؟ هناك صلح، واعتراف، وتفاوض، لكن بقيت فلسطين محتلة ومغتصبة لغاية تاريخه. وما تلاها من تفكك وتدمير للوطن العربي بأكمله من شرقه الى غربه، وما نزال نعاني من بحر الحروب التي نعيش!.
للرواية صلة، لن أعود الى الحرب الأهلية الطائفية البغيضة عام ١٩٧٥ والمآسي والويلات التي حلت بنا، وما تلتها من حروب ومشاكل متجذرة فينا. سأرجع أسبوع واحد الى الوراء، لأقول: ان الثورة في لبنان التي حصلت، هي انجاز لكل اللبنانيين الشرفاء الأقوياء في نفوسهم، الفقراء، المظلومين الوطنيين المحبين للبنان القوي في وجه رياح الإرهاب وأعاصير المخططات الهدامة التي تضرب المنطقة، وقد حقق هذا الحراك العاصف الذي هزَّ السلطة السياسية الحاكمة في لبنان، غير ان قيادة الحراك ، وهي غير ظاهرة، إن لم نقل غير موجودة، نسيت التاريخ المؤلم، ولم يعجبها ما تحقق، فلم ترض بذلك، وراح الحراك بأصحابه، يصعّد ويحرّف حراكه من مطالب الناس الشعبية، الحياتية، الضرورية، التي ينتظرها الناس لسنوات طويلة، الى مطالب سياسية،غوغائية،ضبابية،يستغلها من يصنع لنا الأزمات لغايات وأجندات اقليمية،دولية كبرى، تؤدي الى تدمير الهيكل على اصحابه.
فلنعتبر من التاريخ، ولنتعظ قليلاً قبل فوات الأوان ، ولنتطلع الى المستغلين واهدافهم، ولنسأل: اين نحن من الإرهاب والعدو الإسرائيلي من ذلك؟ أين نحن من حرب جديدة تخطط لنا، لا يستفيد منها الا من تلطّخت يداه في الدماء، ولا يستفيد منها الا الفاسد الذي نقيم الثورة ضده.