رادار نيوز – عندما نريد الغوص في محيط التاريخ وخضمه لا بد لك ان تحسب الكثير من الانواء وعواصف الاحداث التي مرت وطبعت وحفرت في صميم حياتنا ومجرياتها.
فمن لم يرفع اشرعه لثبر اغوار هذا المحيط لا بد ان يدرك انه قد فاته الكثير الكثير.
فالشعوب ترتقي لتظهر تاريخ اوطانها وتفتخر به، وهذا ما يفسر الاتقان والحرفة في اظهار ادق التفاصيل في مقتنيات المتاحف والاثار الموجودة في ارقى المتاحف الاوروبية والغربية.
والانفاق الكبير التي توليه الدول المتحضرة من ميزانياتها، كأولوية بعد العلم والطبابة، خير دليل على اهمية هذا القطاع، ان كان من حيث اولويات الانفاق ام الجذب السياحي والثقافي.
التاريخ لا بد ينصف من كان شمعة اضاءت الكثير من الاحداث المهمة التي طبعت في جبينه.
وما المعالم الاثرية تلك، الا اختام مدمغة، لتكون شاهد موثق لتلك الاحداث ومجرياتها.
اردت الخوض بهذا الموضوع الهام، كونه يهم الكثيرين من المثقفين وذوي الغيرة الوطنية والانتماء لأرض كانت بمثابة مهد هذا التاريخ وحاضنته.
فمن منا لا يعي ان بلادنا منبع الحضارات ورافدها.
ومن منا ينكر ان من صدر الحرف ووضع الاسس للغات كان في موطن اجدادنا….
عندما وصلت نسائم الربيع العربي ربوع مصر، كادت رياحه ان تعصف بأهم آثار مصر الفرعونية! والتي حسب المؤرخين اهم كنز للانسانية جمعاء.
ولو قيد لمحاولة السطو على المتحف المصري في ساحة التحرير، في تلك المرحلة لرأينا المبضع في هذا التاريخ قد علم اثرا، ولكانت كارثة قد احلت ليس على مصر بحسب انما على الانسانية والتاريخ اجمع.
عندما اجتاحت جحافل النازية التراب الفرنسي وخصوصا عاصمتها باريس، كان الاهتمام المنصب على الاثار لكونها تجسد لذاكرة شعوب وتؤرخ لماضي يفتخر به.
وقد حاول هتلر العبث بالكثير من مقتنيات المتحف الفرنسي! وخصوصا متحف اللوفر الذي يعد ايقونة المتاحف في تلك الفترة.
لماذا الذهاب بعيدا…
كان المغول قد عاثوا فسادا في بغداد العباسية حينذاك! وقاموا بحرق مكتبتها الشهيرة التي تحتوي على الآلاف من المخطوطات والكتب النادرة، حيث قيل بأن نهر دجلة قد صبغ بلون الحبر، وتغير لونه.
نحن امام صراع من نوع آخر!..
هذا الصراع ينحو بإتجاه تثبيت حضارات ومحو اخرى، حيث اضعاف الذاكرة وطمث التاريخ يحقق الغاية المرادة.
والآن ما سوريا الا برهان!
فحسب احصاءات غربية وتقارير للأونيسكو، تؤكد بأن اكثر من نصف الآثار السورية قد نهبت واصبحت في خزائن مافيات الاثار ومنها الى جهات شبه رسمية تعنى بمما ذكرته في اضمحلال للذاكرة وتدمير لتاريخ.
ان العبر في هذا يعود الى عدم تقديرنا لما نملك من كنوز، ليست بالمعنى المادي بل المعنوي، فتاريخ حوض الشرق الاوسط، وبالأخص ما يطلق عليه (الهلال الخصيب) يعد المورد الاساس لكل البحوث التاريخية وخزان لتاريخ الشعوب. فإن نضب هذا الخزان فلا مورد لنا كي نورده…..
