“همايون” لم يكن حاكما” او زعيما” ولا بطلا” قصصيا” او روائيا”، بل كان طائر اسطوري يتنبأ بالغيب، وكانت شعوب الشرق تثق ببصيرته الصائبة ليختار الأفضل بعد موت الملك، وذلك عندما يُدعى الشعب بجميع طبقاته ليتجمع في العراء، يطلق عندها هذا الطائر ليحط على رأس احدهم فيتوّج ملكا”على البلاد خليفا” للملك الراحل. ينقصنا الكثير من الوعي، والاخلاص المتفاني، والاحساس العالي بمسؤولية المواطنة، مما يبعدنا عن حياتنا الواقعية المظلمة وصورتها المغيبة وخاصة في العلاقة ما بين الفرد والمجتمع، لنختار وجه الحياة المتجلية في الحلم الابداعي بعيدا” عن الكآبة والعذاب والموت الذي اصبح يطاردنا كل يو م وسط الفوضى والحقد والتعصب، فرغم الثروات الباطنية التي تتمتع بها بلادنا، الفقر ينهش من لحم مواطنيها ليتركها غارقة بالجهل بعيدا” عن المطالبة بالحرية التي توصلنا الى الديمقراطية وتكفل للانسان حياة متوازنة وتنميه بدنية وروحية.
اذا قارّنا ما بين مسؤولينا ومسؤولي الغرب، نجد باننا امام تناقضات جمة، فيمكن لأي شخص في الغرب أن ينتقد أعلى مسؤول في الدولة، دون أن يتعرض للقمع أو المساءلة، لأن القانون يضمن حقوقه في الانتقاد، شرط أن لا يكون تجريحا أو إساءة أو اتهاما دون دليل مادي، وإلا فإنه يعرض نفسه للمساءلة القانونية، اما في مجتمعات الشرق نجد بأن إضفاء القدسية على شخص “الملك أوالرئيس” تعزز من أنانيته وتكرس امتيازاته، التي لا يجوز المساس بها، من حيث يحق له أن يمارس سلطته على شعبه، حين تتعارض مع مصالحه، دون اي مساءلة، هنا نجد الهوّة في الاختلاف بوجهات النظر حول مفهوم القدسية ومساحة الحرية ما بين المجتمعات الشرقية والغربية.
ان الانظمة بطبيعتها تتحكم بنفسية الشعوب فكلما اشتدت العقوبات كلما زادت الجرائم والتعدي على حقوق المجتمع، نتيجة الافرازات السلبية للأنظمة المعاصرة، علي حياة البشر، فحرية التعبير عن الرأي ضرورية لنصل الى حلول منصفة تبعدنا عن الحقد والكراهية وتساعد في تعزيز مفاهيم الحب والتسامح بين المجتمعات البشرية.
كم نتمنى أن نكون “همايون” باختياراتنا ،ونقف وقفة مشرّفة ونزيهة بمسيرة حياتنا عبر المواقف الشجاعة والاراء الحكيمة، ويكون لدينا احساس بالمواطنة، لتقليص الهوة فيما بيننا وبين حكوماتنا ،شعوبنا مقموعة ومسؤولينا يفتقدون للقيم الانسانية المسؤولة فعلا، وزرع الديمقراطية التي أقرتها مختلف الشرائع السماوية، عليهم بذل الكثير من الجهود لكي تتحرر مواطنيهم من حالة الذهول واليأس والخوف والاستفاقة من الثبات الذي حطم مقدرتهم، بعيدا” عن الضغوطات المصحوبة بالترهيب والترغيب، وتهيئة الشعوب للدفاع عن انفسها وكرامتها وتسخير مقوماتها في بناء دولة حديثة تحافظ على وحدة وحرية وثروة البلاد.